من كتابة عبد الله أوسلام
تامغارت أيكان أركاز، ؤرد أركاز أيكان تامغارت.
ومعناه: المرأة أو الزوجة هي التي تكون الرجل، وليس الرجل هو الذي يكون المرأة. ولربط هذا المثل السائر بأصله لا بد من استنطاق ما أمكننا من المراجع ومن ذلك قصيدة شعبية أمازيغية تناولت خراب تامدولت نـ وافا، والمرجع الثاني ما سجله مؤرخ سوس المختار السوسي، وإليكم ملخص ذلك:
يحكى أن رجلا أجنبيا غنيا، يسكن في مدينة تامدولت نـ وافا، ذات السور العظيم، وذات باب واحد، وكان لذلك الرجل سبع بنات، وحدث أن ذهب يوما ليحرث حقله مبكرا، فانتظر فطوره ليصله إلى الحقل، لكن بنته الشاعرة بالأمازيغية تأخرت عنه إلى ما بعد العصر.
ولما وصلت إليه وضعت أمامه قفة مملوءة بالنخالة، فصارت تدرف الدموع، فقال لها والدها بالشعر الأمازيغي، هل أنا كلب يا بنيتي، حتى أتيتني بالنخالة؟ فأجابته شعرا، نعم يا والدي: كلب وأي كلب، يكون من ليس له إخوة يدافعون عنه كلما ظلم.
واعلم أن آل تامدولت قد ردوني لأطهي لك هذه الخبزة سبع مرات، بحيث كانوا ينتزعونها مني ظلما حتى أخفيتها في النخالة.
وفي الحين انطلق والدها يبحث عمن يناصره، ويرد له اعتبارا، فقصد أحد القادة الكبار اسمه محند ؤعلي أمنصاك، فحدث أن صادف عنده مناسبة كبيرة، وما كان هذا المظلوم إلا أن نام على وجهه، رافضا الأكل والكلام، فإذا بالقائد أمنصاك يسأل خادمه مسعودة بالشعر الأمازيغي، طالبا منها ألا يبقى أحد من وفود تلك المناسبة بدون أكل.
فردت عليه الخادم بالشعر الأمازيغي: نعم سيدي كل الناس أكلوا وشربوا، ما عدا ضيفا واحدا، نام على وجهه كمن هو مظلوم، وفي الحين قصده أمنصاك وقال له: قم ايها الغريب، وأعرب عن مطلبك، فوالله لأقضينه ولو كلفني تخريب تامدولت نـ وافا، فرفع ذلك الرجل رأسه وقال ذلك هو مطلبي، فأنا مظلوم، فقص عليه عداوة أهل تامدولت له ولبناته السبع.
فقال له أمنصاك: ارجع إلى بلادك/ وفي مثل هذا اليوم بالضبط، عليك أن ترفع علما أبيض على دارك، واكتم السر ولا تبح به لأحد، وفعلا رجع الرجل إلى بلاده وذكر الخبر لبنته وحدها.
وإليكم ما جمعته من بقايا تلك القصيدة الطويلة حتى لا يضيع:
ـ محند ؤعلي أمنصاك ئيصحا ئيس نيت ئيفاغ
ـ ؤر يسنال ئيغيد ئيوران أمور ئسنال
ـ محند وعلي أمنصاك ئيسكرف ئيميغ نان
ـ موند كولو ئيمزيلن ؤر ئغاما يان
ـ أسى يات كولو ؤزال سوويات ئيسان
ـ تاوادا سـ تمدولت تدو تسيلا تيغوردين
أما ما لخصته سابقا فهو هكذا رغم اختلال وزنه أحيانا:
قال الوالد: ـ ئيلي فاضما ئيس نكا أيدي أنش ئلوماس؟
الجواب: ـ أيدي دو كار نس ئيكاتن وار ايتماس
ـ سات تيكال أيي رورن أيت تمدولت نـ وافا تاكات
ـ ئيدا باباس ئيزوك ئيلكمن أك أمنصاك
ـ ئيكون ف ؤخموم نس ؤكين تيرمت ؤلا أوال
ـ محند ؤعلي أمنصاك ئيغرا ئيتوايات نس
ـ أكين ئيون أمسعودا أقبيل ئيس أك ئيفرح
ـ تناي اس كولو ميدن شان أك أمر يان
ـ ؤرئيكي ؤسوس ؤرئيكي أزناك نيغ ؤكان
ـ تاماتارت نـ أيت تمدولت نـ واقا فلاس
ـ ئيكون ف ؤخموم ئيس ؤكين تيرمت ؤلا أمان
ـ عند ؤعلي امنصاك أيساولن ئيناي اس
ـ أينا سـ تنيت راد اكت نف مقار ؤكان
ـ ئيكا تامدولت راستنخلو نش لمال نس
وهنا يضيع الشعر ويلخصه الحفاظ بنثر فني ألخصه فيما ياتي:
اذهب أيها الغريب إلى دارك في تادولت، وموعدنا مثل هذا اليوم في العام، وعليك أن ترفع علما أبيض على دارك ليميزها الغزاة عن غيرها، رجع الرجل إلى داره، لكنه نسي الموعد، إلا أن بنته –فاضما- تذكرت التاريخ وهي في أحواش فقالت مستفهمة والدها، بينما ظن الشعراء في أسايس (المرقص) أنها تعني شيئا من الألغاز قالت:
أبابا كضيغ ئيواضو لجومات ئيسان
كر تاكوزيت ييض ؤشن أست ئعمرن
إذ ذاك انطلق والدها فرفع علما أبيض على داره، فإذا بالغزاة يباغتون مدينة تامدولت فخربوها خرابا تاما، وما زال معظم عائلات غرب الأطلس الصغير حتى أيت باعمران يذكرون أن أصلهم من تامدولت التي خربها محند ؤعلي أمنصاك. وهناك يذكر المثل بأن سبب خرابها هو المرأة = تاوتمت أيخلان تامدولت، فكيف لا تخرب دارك إذا ظلمتها؟
وهنا أستحضر قول الشاعر:
ـ ليست نساؤكم، حُلىً وجواهرا، خوف الضياع تصان في الأحقاق
ـ كلا ولا أدعوكم أن تسرفوا، فالشر في التضييق والإطلاق
تحليل المثل: تامدولت مدينة مغربية قديمة في سفح الأطلس الصغير الشرقي تنسب إلى أفا، وكلمة أفا تعني النواة مطلقا، وأغلب الظن أن هناك منظرا طبيعيا يشبه أفا = النواة لشجرة أركان، فسميت به تامدولت نـ وافا، وهذه الإضافة تفيد أن هناك أماكن أخرى تسمى بتامدولت.
أورد محقق كتاب وصف إفريقيا في الهامش قال: أفا اسم نهر من روافد درعة، سميت به مجموعة من القرى، كانت مسكونة منذ القرن السابع الهجري، وازداد عمران قرى أفا بعد خراب مدينة تامدولت الإدريسية الشهيرة القريبة منها، وأنبه أنا هنا إلى أن المراد بالنهر هو الواد لانعدام المواصفات الجغرافية للنهر.
وتقع مدينة تامدولت هذه على تابريدا = الطريق الرئيسية للقوافل التي تربط بين العواصم التجارية في المغرب وجنوب الصحراء، وتقع في ملتقى الطرق الآتية من سجلماسة شرقا، وأغمات غربا، ومنها تنطلق الطرق نحو الجنوب إما عبر نول غربا أو نحو أدغوست إلى غانة جنوبا.
ولا شك أن هذا الموقع الاستراتيجي لا يخلو من المدينة قبل الأدارسة، مع العلم أن بها معدن الفضة، ولذلك نرى المرابطين احتلوها منذ البداية، في اتجاههم نحو شمال المغرب.
أما الحسن بن محمد الوزان الفاسي قال: تتألف أفا من ثلاثة قصور صغيرة.. وكانت عامرة جدا، لكن السكان هجروها على إثر فتن أهلية...
وقال المختار السوسي: وهذه المدينة من آثار الأدارسة، بناها عبد الله بن إدريس ابن إدريس.. فيكون تأسيس المدينة حوالي 220هـ/825م، وقد ذكر البكري من أهل أواسط القرن الخامس الهجري، أن المدينة لها أربعة أبواب.. هذه إذن مدينة تامدولت أم قرى سوس حسب الروايات الشفوية، والتي كان ظلم سيدة سببا في خرابها، وإلا فموقع تامدولت واقتصادها هو السبب في تملكها، وبالتالي خرابها بسبب النزاع حولها.
أما محند ؤعلي أمنصاك فقد قال عنه المختار السوسي: محند بن علي المنصاكي البنيراني المجاطي الطاغية، قائد كبير، ينسب إليه تخريب تمدلت في ملحمة طويلة نظمت بالشلحة نظما محكما.
هذا وقد كان القاضي جهادي محند بن محمد الخلفي من آل الشيخ همو سجل بخطه هذه الملحمة من حافظها المداح لحسن الخلفي، لكن لم يبق منها إلا ما سجلته أعلاه، إلى أن يجود الزمن بالباقي.
تامغارت أيكان أركاز، ؤرد أركاز أيكان تامغارت.
ومعناه: المرأة أو الزوجة هي التي تكون الرجل، وليس الرجل هو الذي يكون المرأة. ولربط هذا المثل السائر بأصله لا بد من استنطاق ما أمكننا من المراجع ومن ذلك قصيدة شعبية أمازيغية تناولت خراب تامدولت نـ وافا، والمرجع الثاني ما سجله مؤرخ سوس المختار السوسي، وإليكم ملخص ذلك:
يحكى أن رجلا أجنبيا غنيا، يسكن في مدينة تامدولت نـ وافا، ذات السور العظيم، وذات باب واحد، وكان لذلك الرجل سبع بنات، وحدث أن ذهب يوما ليحرث حقله مبكرا، فانتظر فطوره ليصله إلى الحقل، لكن بنته الشاعرة بالأمازيغية تأخرت عنه إلى ما بعد العصر.
ولما وصلت إليه وضعت أمامه قفة مملوءة بالنخالة، فصارت تدرف الدموع، فقال لها والدها بالشعر الأمازيغي، هل أنا كلب يا بنيتي، حتى أتيتني بالنخالة؟ فأجابته شعرا، نعم يا والدي: كلب وأي كلب، يكون من ليس له إخوة يدافعون عنه كلما ظلم.
واعلم أن آل تامدولت قد ردوني لأطهي لك هذه الخبزة سبع مرات، بحيث كانوا ينتزعونها مني ظلما حتى أخفيتها في النخالة.
وفي الحين انطلق والدها يبحث عمن يناصره، ويرد له اعتبارا، فقصد أحد القادة الكبار اسمه محند ؤعلي أمنصاك، فحدث أن صادف عنده مناسبة كبيرة، وما كان هذا المظلوم إلا أن نام على وجهه، رافضا الأكل والكلام، فإذا بالقائد أمنصاك يسأل خادمه مسعودة بالشعر الأمازيغي، طالبا منها ألا يبقى أحد من وفود تلك المناسبة بدون أكل.
فردت عليه الخادم بالشعر الأمازيغي: نعم سيدي كل الناس أكلوا وشربوا، ما عدا ضيفا واحدا، نام على وجهه كمن هو مظلوم، وفي الحين قصده أمنصاك وقال له: قم ايها الغريب، وأعرب عن مطلبك، فوالله لأقضينه ولو كلفني تخريب تامدولت نـ وافا، فرفع ذلك الرجل رأسه وقال ذلك هو مطلبي، فأنا مظلوم، فقص عليه عداوة أهل تامدولت له ولبناته السبع.
فقال له أمنصاك: ارجع إلى بلادك/ وفي مثل هذا اليوم بالضبط، عليك أن ترفع علما أبيض على دارك، واكتم السر ولا تبح به لأحد، وفعلا رجع الرجل إلى بلاده وذكر الخبر لبنته وحدها.
وإليكم ما جمعته من بقايا تلك القصيدة الطويلة حتى لا يضيع:
ـ محند ؤعلي أمنصاك ئيصحا ئيس نيت ئيفاغ
ـ ؤر يسنال ئيغيد ئيوران أمور ئسنال
ـ محند وعلي أمنصاك ئيسكرف ئيميغ نان
ـ موند كولو ئيمزيلن ؤر ئغاما يان
ـ أسى يات كولو ؤزال سوويات ئيسان
ـ تاوادا سـ تمدولت تدو تسيلا تيغوردين
أما ما لخصته سابقا فهو هكذا رغم اختلال وزنه أحيانا:
قال الوالد: ـ ئيلي فاضما ئيس نكا أيدي أنش ئلوماس؟
الجواب: ـ أيدي دو كار نس ئيكاتن وار ايتماس
ـ سات تيكال أيي رورن أيت تمدولت نـ وافا تاكات
ـ ئيدا باباس ئيزوك ئيلكمن أك أمنصاك
ـ ئيكون ف ؤخموم نس ؤكين تيرمت ؤلا أوال
ـ محند ؤعلي أمنصاك ئيغرا ئيتوايات نس
ـ أكين ئيون أمسعودا أقبيل ئيس أك ئيفرح
ـ تناي اس كولو ميدن شان أك أمر يان
ـ ؤرئيكي ؤسوس ؤرئيكي أزناك نيغ ؤكان
ـ تاماتارت نـ أيت تمدولت نـ واقا فلاس
ـ ئيكون ف ؤخموم ئيس ؤكين تيرمت ؤلا أمان
ـ عند ؤعلي امنصاك أيساولن ئيناي اس
ـ أينا سـ تنيت راد اكت نف مقار ؤكان
ـ ئيكا تامدولت راستنخلو نش لمال نس
وهنا يضيع الشعر ويلخصه الحفاظ بنثر فني ألخصه فيما ياتي:
اذهب أيها الغريب إلى دارك في تادولت، وموعدنا مثل هذا اليوم في العام، وعليك أن ترفع علما أبيض على دارك ليميزها الغزاة عن غيرها، رجع الرجل إلى داره، لكنه نسي الموعد، إلا أن بنته –فاضما- تذكرت التاريخ وهي في أحواش فقالت مستفهمة والدها، بينما ظن الشعراء في أسايس (المرقص) أنها تعني شيئا من الألغاز قالت:
أبابا كضيغ ئيواضو لجومات ئيسان
كر تاكوزيت ييض ؤشن أست ئعمرن
إذ ذاك انطلق والدها فرفع علما أبيض على داره، فإذا بالغزاة يباغتون مدينة تامدولت فخربوها خرابا تاما، وما زال معظم عائلات غرب الأطلس الصغير حتى أيت باعمران يذكرون أن أصلهم من تامدولت التي خربها محند ؤعلي أمنصاك. وهناك يذكر المثل بأن سبب خرابها هو المرأة = تاوتمت أيخلان تامدولت، فكيف لا تخرب دارك إذا ظلمتها؟
وهنا أستحضر قول الشاعر:
ـ ليست نساؤكم، حُلىً وجواهرا، خوف الضياع تصان في الأحقاق
ـ كلا ولا أدعوكم أن تسرفوا، فالشر في التضييق والإطلاق
تحليل المثل: تامدولت مدينة مغربية قديمة في سفح الأطلس الصغير الشرقي تنسب إلى أفا، وكلمة أفا تعني النواة مطلقا، وأغلب الظن أن هناك منظرا طبيعيا يشبه أفا = النواة لشجرة أركان، فسميت به تامدولت نـ وافا، وهذه الإضافة تفيد أن هناك أماكن أخرى تسمى بتامدولت.
أورد محقق كتاب وصف إفريقيا في الهامش قال: أفا اسم نهر من روافد درعة، سميت به مجموعة من القرى، كانت مسكونة منذ القرن السابع الهجري، وازداد عمران قرى أفا بعد خراب مدينة تامدولت الإدريسية الشهيرة القريبة منها، وأنبه أنا هنا إلى أن المراد بالنهر هو الواد لانعدام المواصفات الجغرافية للنهر.
وتقع مدينة تامدولت هذه على تابريدا = الطريق الرئيسية للقوافل التي تربط بين العواصم التجارية في المغرب وجنوب الصحراء، وتقع في ملتقى الطرق الآتية من سجلماسة شرقا، وأغمات غربا، ومنها تنطلق الطرق نحو الجنوب إما عبر نول غربا أو نحو أدغوست إلى غانة جنوبا.
ولا شك أن هذا الموقع الاستراتيجي لا يخلو من المدينة قبل الأدارسة، مع العلم أن بها معدن الفضة، ولذلك نرى المرابطين احتلوها منذ البداية، في اتجاههم نحو شمال المغرب.
أما الحسن بن محمد الوزان الفاسي قال: تتألف أفا من ثلاثة قصور صغيرة.. وكانت عامرة جدا، لكن السكان هجروها على إثر فتن أهلية...
وقال المختار السوسي: وهذه المدينة من آثار الأدارسة، بناها عبد الله بن إدريس ابن إدريس.. فيكون تأسيس المدينة حوالي 220هـ/825م، وقد ذكر البكري من أهل أواسط القرن الخامس الهجري، أن المدينة لها أربعة أبواب.. هذه إذن مدينة تامدولت أم قرى سوس حسب الروايات الشفوية، والتي كان ظلم سيدة سببا في خرابها، وإلا فموقع تامدولت واقتصادها هو السبب في تملكها، وبالتالي خرابها بسبب النزاع حولها.
أما محند ؤعلي أمنصاك فقد قال عنه المختار السوسي: محند بن علي المنصاكي البنيراني المجاطي الطاغية، قائد كبير، ينسب إليه تخريب تمدلت في ملحمة طويلة نظمت بالشلحة نظما محكما.
هذا وقد كان القاضي جهادي محند بن محمد الخلفي من آل الشيخ همو سجل بخطه هذه الملحمة من حافظها المداح لحسن الخلفي، لكن لم يبق منها إلا ما سجلته أعلاه، إلى أن يجود الزمن بالباقي.
SOCIALIZE IT →